اَلْجَاحَـظُ وَمَكَانَتُـهُ

مشاهدة
أخر تحديث : الإثنين 24 أكتوبر 2016 - 12:55 صباحًا
اَلْجَاحَـظُ وَمَكَانَتُـهُ

بقلم أ. د. عبد الله جاد الكريم

اَلْجَاحَـظُ وَمَكَانَتُـهُ

  • اِسْمُهُ وَلَقَبُهُ: هُوَ أَبُو عُثْمَانَ عَمْرُو بِنُ بَحْرِ بِنُ محبوبِ الكِنَانِيُّ اللَّيْثِيُّ البَصْرِيُّ الفُقَيْمِيُّ وَلَاءً. كَانَ ثَمَّةَ نتوءٌ واضحٌ في حَدَقَتَيْهِ فَلُقِّبَ بِالحَدَقِيِّ، ولَكِنَّ اللَّقَبَ الَّذِي اِلْتَصَقَ بِهِ أَكْثر، وَبِهِ طَارَتْ شُهْرَتُهُ فِي اَلآفَاقِ هُوَ اَلْجَاحِظُ، وَقِيْلَ: لُقِّبَ بِالجَاحِظِ لِجُحُوْظِ عَيْنَيْهِ. توفي رحمه الله تعالى (255هــ).
  • مَكَانَتُهُ اَلْعِلْمِيَّةُ:

   إنَّ اَلْجَاحِظَ أَدِيْبٌ عَرَبِيٌّ مِنْ كِبَارِ أَئِمَّةِ اَلأَدَبِ فِي اَلْعَصْرِ اَلْعَبَّاسِيِّ، وَهُوَ مِنْ أَشْهَرِ أُدَبَاءِ اَلْقَرْنَيْنِ الثَّانِي والثَّالِثِ اَلْهِجْرِيينِ وَأَوْسَعُهُمْ ثَقَافَةً، وَكَانَ لُغَوِيًّا نَحْوِيًّا بَارِعًا.

   وَقَدْ جَمَعَ اَلْجَاحِظُ بَيْنَ اَلْعِلْمِ وَالأَدَبِ، فَكَانَ مُلِمًّا بِجَمِيْعِ مَعَارِفِ عَصْرِهِ؛ مَنْ لُغَةٍ وَشِعْرٍ وَأَخْبَارٍ وَعِلْمِ كَلامٍ وَتَفْسِيْرٍ وَطَبِيْعَةٍ، وَقَدْ كَانَ كَاتِبًا مُتكَلِّمًا مُعْتَزَلِيًّا، بَلْ كَانَ رَأْسَ طَائِفَةٍ مِنْ اَلْمُعْتَزِلَةِ عُرِفَتْ بِالْجَاحِظِيَّةِ نِسْبَةً إِلَيْهِ، وَكَانَ نَاقِدًا اِجْتِمَاعِيًّا عَارِفًا بِخَفَايَا مُجْتَمَعِهِ وَطَبَقَاتِهِ وَفِئَاتِهِ. وَتُعَدُّ كُتُبُهُ وَرَسَائِلُهُ وَثَائِقَ يُمْكِنُ اَلاعْتِمَادُ عَلَيْهَا فِي مَعْرِفَةِ جَوَانِبِ اَلْمُجْتَمَعِ فِي عَصْرِهِ. وَكَانَ زَادُهُ فِي كُلِّ هَذَا مَعْرِفَتَهُ اَلْوَاسِعَةَ وَمُلَاحَظَتَهُ اَلْفَاحِصَةَ وَالتَّجْرُبَةَ أَحْيَانًا، مِمَّا يُقَرِّبُهُ مِنْ اَلْمَنْهَجِيَّةِ اَلْعِلْمِيَّةِ، فَقَدْ اُشْتُهِرَ بِالشَّكِّ بِوَصْفِهِ اَلطَّرِيْقِ إلى اَلْيَقِيْنِ، وَبِفُضُوْلِهِ اَلْمَعْرِفِيِّ، وَبِتَجْرِبَتِهِ لِفُرُوْضِهِ. عُرِفَ أُسْلُوْبُهُ بِإِيْقَاعِيَّتِهِ وَقِصَرِ عِبَارَاتِهِ وَاسْتِطْرَادَاتِه، مَعَ رُوْحٍ سَاخِرَةٍ، سَخِرَتْ مِنْ كُلِّ أَشْكَالِ اَلْقُبْحِ فِي عَصْرِهِ؛ حِسِّيًا كَانَ أَوْ مَعْنَوِيًّا. وَأُوْتِيَ مَقْدِرَةٌ بَيَانِيَّةٌ مَكَّنَتْهُ مِنْ مَدْحِ اَلشَّيْءِ وَذَمِّـــهِ.

    وَيَرَى مُؤَرِّخُو اَلْبَلَاغَةِ اَلْعَرَبِيَّةِ أَنَّهُ مُؤَسِّسُ اَلدَّرْسِ اَلْبَلَاغِيِّ؛ بِمَا عَالَجَهُ مِنْ مَوْضُوْعَاتِهِ وَأَرْسَاهُ مِنْ مُصْطَلَحَاتِهِ. قَالَ أَبُو هِلَالٍ اَلْعَسْكَرِيِّ عَنْ كُتُبِ اَلْجَاحِظِ وَالْبَلَاغَةِ وَالأَدَبِ:”وَكَانَ أَكْبَرُهَا وَأَشْهَرُهَا كِتَابُ اَلْبَيَانِ وَالتَّبْيِينِ لِأَبِي عُثْمَانَ عَمْرُو بِنِ بَحْرِ اَلْجَاحِظِ, وَهُوَ لَعَمْرِي كَثِيْرُ اَلْفَوَائِدِ, جَمُّ اَلْمَنَافِعِ؛ لِمَا اِشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ اَلْفُصُوْلِ اَلشَّرِيْفَةِ, وَالْفِقَرِ اَللَّطِيْفَةِ, وَالْخُطَبِ الرَّائِعَةِ, وَالأَخْبَارِ البَارِعَةِ, وَمَا حَوَاهُ مِنْ أَسْمَاءِ اَلْخُطَبَاءِ وَالْبُلَغَاءِ, وَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ مِنْ مَقَادِيْرِهِمْ فِي اَلْبَلَاغَةِ وَالْخَطَابَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ فُنُوْنِهِ اِلْمُخْتَارَةِ وَنُعُوْتِهِ اَلْمُسْتَحْسَنَةِ”.

    وَقَالَ اِبْنُ رَشِيْقٍ اَلْقَيْرَوَانِيُّ:” وَقَدْ اِسْتَفْرَغَ أَبُوْعُثْمَانَ اَلْجَاحِظُ – وَهُوَ عَلاَّمَةُ وَقْتِهِ – اَلْجُهْدَ, وَصَنَعَ كِتَابًا لَا يُبْلَغُ جَوْدَةً وَفَضْلاً”. وَقَالَ اِبْنُ خَلْدُوْن عَنْ اَلأَدَبِ:”وَسَمِعْنَا مِنْ شُيُوْخِنَا فِي مَجَالِسِ اَلتَّعْلِيْمِ أَنَّ أُصُولَ هَذَا الفنِّ وأركانَهُ أَرْبَعَةُ دَوَاوِيْنَ؛وهِيَ: أَدَبُ اَلْكَاتِبِ لِابنِ قُتيبةَ، وَكِتَابُ اَلْكَامِلِ للمُبَرِّدِ، وكِتَابُ اَلْبَيَانِ والتَّبيينِ لِلْجَاحِظِ، وكِتَابُ النَّوَادِرِ لِأَبِي عَلِيٍّ القّالِي البَغْدَادِيِّ. وَمَا سِوَى هَذِهِ اَلأَرْبَعَةِ فتَبَعٌ لَهَا وَفُرُوْعٌ عَنْهَا”.

  • آَثَارُهُ وَمُؤَلَّفَاتُـهُ :

  تَرَكَ اَلْجَاحِظُ كُتُباً كَثِيْرَةً يَصْعُبُ حَصْرُهَا، قِيْلَ: زَادَتْ عَنْ مَائَتِي كِتَابٍ، وَقِيْلَ: حَوَالِي 360 كتابًا، ذكرَ لَهُ اَبْنُ النَّديمِ أكثرَ مِنْ تِسْعِينَ مُصنَّفًا, فَقدْ كان الجاحظُ موسوعةً تَمْشِي عَلَى قَدَمَيْنِ، وتُعتبرُ كُتُبُهُ دائرةَ معارفٍ لِزَمَانِهِ، كُتُبُ فِي كُلِّ شَيْءٍ تَقريبًا.

رابط مختصر

أضـف تـعـلـيق 0 تـعـلـيـقـات

* الإسم
* البريد الألكتروني
* حقل مطلوب

البريد الالكتروني لن يتم نشره في الموقع

شروط النشر:

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.


ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة بوابة شموس نيوز الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.