نصوم لنلقى وجه السّيّد. (10)

بقلم مادونا عسكر – لبنان
يشبه الصّوم كرماً عملنا كلّنا فيه بكدّ وتعبّ، وها نحن ننتظر أن تزهر بكائر إيماننا حتّى نلتقي بالسّيّد بأجساد ونفوس نقيّة وطاهرة. فكما أنّ الطّبيعة تتجدّد وتخلع ثوبها العتيق وتلبس ثوباً جديداً فتعلن فصلاً جديداً من فصول الحياة، كذلك الإنسان ينبغي أن يرمي ثوبه العتيق ويتجدّد بكلمة الله الحيّ ويخطو نحو حياة جديدة تليق بأبناء الله.
ثمرة الصّوم هي التّجدّد بانقلابنا على ذواتنا واستئصال كلّ شائبة منها حتّى يظهر جوهرنا الحقيقيّ الّذي اختاره الله لنا من قبل إنشاء العالم. “ فمن هو في المسيح هو خلق جديد: لقد ذهب العتيق وصار خلق جديد” (2 كور5/17). والخلق الجديد هو الخلق المنتمي إلى العائلة الإلهيّة، يحيا في العالم في قلب الثّالوث الأقدس، وعندما يخرج منه يستقرّ في قلبه إلى الأبد. ”
من أحبني سمع كلامي فأحبّه أبي ونجيء إليه ونقيم عنده” (يوحنا14/23).
لسنا بعدُ ذلك الإنسان العتيق الّذي رفض المحبّة الإلهيّة، وجعل كبرياءه سيّداً عليه فتخبّط بمعاصيه، بل الإنسان الجديد، الّذي صار بالمسيح هيكلاً للرّبّ. الإنسان الجديد الّذي استحال قدس أقداس دخله المسيح مرّة واحدة ولن يخرج منه أبداً.
قد لا نكون قد وعينا بعد وعياً كاملاً ما فعله المسيح من أجلنا، وقد لا نكون قد استوعبنا معنى خلاص الرّبّ لنا، إلّا أنّنا نؤمن في أعماق قلوبنا أنّ الرّبّ حاضر أبداً ليمنحنا روح الفهم حتّى تتحوّل حياتنا مسيرة تجدّد دائم حتّى نبلغ ملء قامة المسيح.
أيّها المسيح الحبيب، أخلق فينا أبداً قلوباً نقيّة، تتوق لزرعك المقدّس. جدّد عقولنا ونفوسنا فتزهر ثمار كلمتك الإلهيّة، وبراعم تمنح الكون عطر المحبّة وبكائر نورانيّة تدلّ العالم بأسره عليك، أنت الّذي يليق بك كلّ مجد وإكرام مع أبيك وروحك الحيّ القدّوس ، من الآن وكلّ أوان وإلى دهر الدّاهرين. أمين.