” خبّأت كلامك في قلبي لكيلا أخطئ إليك.” ( 8)

مادونا عسكر – لبنان
” لاَ تَزْنِ”.
يلقى الزّنى مصدره في الفكر أوّلاً، وأمّا الفعل فهو نتيجة لتلك الرّغبة الّتي يوليها العقل اهتمامه. من هنا نفهم قول الربّ: ” من ينظر إلى امرأة ليشتهيها، فقد زنى بها في قلبه.” ( متى 28:5). ونتبيّن قدرة الإنسان على السّيطرة على هذه الرّغبة إذا ما سيطر على فكره أوّلاً. ولكي تكتمل فعاليّتها، يحتاج الإنسان أن يدرّب فكره المتعلّق بالسّلوك في هذه الحياة، كما يلزمه أن يربّي نظرته تجاه الآخر. هذه التّربية تعتمد على تثقيف العقل والقلب بكلمة الرّبّ. بمعنى آخر، بقدر ما ينسجم فكرنا وفكر المسيح حتّى يصبح الفكران واحداً، تتغيّر نظرتنا وتتنقّى. لذلك عبارة ( لا تزنِ) تبقى ناقصة بدون كلمة الرّبّ، لأنّها تبقى عند حدود النّهي الجسدي، ولا تفعل في النّفس الإنسانيّة. فيمكن للإنسان أن يرتدع عن الزّنى ظاهريّاً، وإنّما عقله وفكره منشغلان به. لذلك نرى الكثير من الكبت في المجتمعات، تترجمها أفعال مشينة، وسلوكيّات مقيتة. ما يؤكّد لنا أنّ الرّدع الأساسيّ يبدأ من الفكر.
الزّنى فعل يمسّ عمق المحبّة الإلهيّة لأنّه ينقض فعل الحبّ الإلهيّ ويجعله خارج إطار العلاقة المقدّسة المعبّرة عن الحبّ المقدّس والمرتبطة بصورة الله. فالرّجل والمرأة يكوّنان معاً صورة الله، والعلاقة القائمة بينهما تشكّل اتّحاداً حقيقيّاً مصدره الحبّ والمباركة الإلهيّة. ” يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكونان جسدا واحدا.” ( تكوين 24:2). وبالتّالي كلّ علاقة خارج هذا الإطار المبارك تُعتبر رفضاً للحبّ الإلهيّ بل انفصالاً عنه.
الزّنى إساءة إلى الجسد لأنّه هيكل الله، وبالتالي فهي تدمّر هذا الهيكل المبني بفعل الحبّ الإلهي وتستبدله بحبّ وثنيّ عماده الرّغبة وحسب. الرّغبة ليست خطيئة وإنّما الخطيئة تكمن في كيفيّة توجيهها. فإمّا أن تستمدّ قدسيّتها من الحبّ الإلهيّ، وإمّا أن تشوّه هذا الحبّ بانفصال الإنسان عنه. ” اهربوا من الزّنى. كلّ خطيئة يفعلها الإنسان هي خارجة عن الجسد، لكنّ الّذي يزني يخطئ إلى جسده. أم لستم تعلمون أنّ جسدكم هو هيكل للروح القدس الّذي فيكم، الّذي لكم من الله، وأنّكم لستم لأنفسكم؟ لأنكم قد اشتريتم بثمن. فمجدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم الّتي هي لله.” ( 1 كور 20،18:6).