“مسروق” مواطن طيب يتحدى الظلم بالبهجة والرضا

القاهرة – من نهى جمال الدين

صدر حديثًا كتاب ساخر جديد بعنوان “مسروق بن مسروق” للكاتب الصحفي محمد منير، عن بيت الياسمين من القطع المتوسط في 160 صفحة

قدم الكاتب نموذج المواطن المسروق، بشكل مختلف ليس كما يصور في السينما بالمواطن المهزوم والمستلسم لكل عوامل الإحباط وحسب، بل زادت عليه امتلاكه لأدوات الفطنة التي يستطيع بها أن يكشف كل عوامل القهر التي وقعت عليه، وعلى أجيال سبقته، ليضعها على أول طريق الزوال.

“المسروق” هو مواطن واقعى يعبر عن حالة، يكشف عن رداءة الواقع وشراسة الاستغلال، هو ابن الجماعة الأكثر شعورًا بالرضا واليقين بأن القادم أفضل.

وعلى الرغم من ذلك فهو طيب وساذج إلى الدرجة التى تجعله يرسل قبلاته لحبيبته فتردها بعشق وهيام لآخر، فيسعد لسعادتهما.

وهو أيضًا ابن مرحلة الزرع والعزق والشقى وليس له علاقة بمرحلة الحصاد تعففًا، يعمل ويبتكر ويفكر وتأتى المكافأة لغيره ويعتبر ذلك مكسباً لذاته، ويقف في منطقة مهمشة لا يرضى عنها جيله ولا الجيل الذى سبقه ولا الجيل الذى لحقه، ولا يشعر به أحد.

يستطيع هذا المواطن أن يتحدى الظلم بالبهجة والرضا، يقتل العالم غيظًا وكمدًا بعد أن يُحوِّل كل تجاهلهم وظلمهم له بحالة مختلفة من السعادة

هذا المواطن لم يتنح عن المشاركة فى كل أحداث الواقع، فكان الشخص الذى يبحث عن رزقه ورزق عياله، فيروى لنا كيف قدم عرقه وجهده ودمه من أجل لقمة عيش غير كاملة، ويروى لنا أيضا من خلال يومياته كيف انفعل بثورة المصريين على الظلم، وتفاعل معها بصدق المواطن المؤمن بحتمية التغيير والثورة، فجاء انفعاله أكثر تجاوزًا للثورة نفسها، فيصدم بالواقع الذى يعيديه لمربعه الأول، ليبدأ رحلة الأمل من جديد.

وفى اليوميات تجد أيضا محاولة المسروق الالتحام بكل فئات الشعب حتى المستغل منها، فهو صاحب مهارات وابتكارات وخبرات وثقافة وحكمة لا يمتلكها إلا أبناء جماعة المسروقين، فيدخل معارك كلها خاسرة، ولكنها بالنسبة له تحمل مكاسب كبيرة، حيث تعطيه خبرة ومناعة وصلابة لا يصادفها إلا المخلصون.

فى “يوميات مسروق” حتمًا ستجد نفسك بين سطور الحكايات، فإن لم تجدها فأبشر بأنك خارج قبيلة المسروقين.. ولكن لا تتفاءل كثيرًا، أنت قادم لا محالة، عاجلًا أم آجلًا.

ويعرف الكاتب محمد منير شخصية مسروق بن مسروق والتى يروى يومياته من خلال الكتاب: “وقائع مسروق بن مسروق” بأنه “هذا المصرى الذى يعكس اسمه حاله فيقول على لسان مسروق: اسمى وصفتى وحالى مسروق بن مسروق.. أنتمى إلى أعرق عائلات مصر وأكثرها ثباتاً على الحال فأبى وجدى وجدود جدى كلهم مسروقون.. أروى لكم وقائع يومياتى التى أعيشها حاملاً خبرة مئات السنين من صبر مسروق على ما يراه مكتوب.